صراعات‎

واشنطن تغري طهران بـ"نووي مستورد"

نشر
blinx
في خطوة قد تمهّد لتسوية جديدة مع طهران، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعدادها للسماح لإيران بتطوير برنامج نووي مدني مخصص لتوليد الطاقة، شريطة أن يعتمد بشكل كامل على الوقود النووي المستورد من الخارج، وهو ما أكده وزير الخارجية ماركو روبيو في تصريحات أدلى بها خلال مقابلة مع بودكاست "ذا فري برس" هذا الأسبوع.

تراجع

يُعد هذا العرض تراجعاً عن الموقف المتشدد الذي تبنّته الإدارة الشهر الماضي، حين طالب مستشار الأمن القومي مايك والتز إيران بتفكيك كامل لبرنامجها النووي.
ووفقاً لروبيو، فإن المقترح الأميركي يتيح لطهران تشغيل مفاعلات نووية مدنية، لكنه يمنعها من تخصيب اليورانيوم محلياً، مما يُغلق الباب أمام تطوير سلاح نووي.
ومن المقرر أن يلتقي خبراء فنيون من الجانبين يوم السبت في سلطنة عمان في أول اجتماع تقني منذ انطلاق المحادثات النووية رفيعة المستوى بين واشنطن وطهران هذا الشهر.
ويُنظر إلى هذه المحادثات على أنها محاولة لإنقاذ المسار الدبلوماسي بعد أن تصاعد التوتر عقب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 خلال ولايته الأولى.
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، يرى خبراء أن الاقتراح الأميركي سيواجه مقاومة شديدة من إيران، رغم أنه يلبّي شكلياً مطالبها بالحصول على برنامج نووي سلمي. إلا أن اعتماد طهران الكامل على مصادر وقود أجنبية قد يُنظر إليه داخلياً كمساس بالسيادة الوطنية، خصوصاً في ظل تاريخ طويل من انعدام الثقة بين إيران والغرب.

اقتراح مثير للجدل

علي شمخاني، المستشار البارز للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، رفض علناً الأمر خلال محادثات تمهيدية جرت في روما الأسبوع الماضي.
ويعود عرض توفير الوقود النووي لإيران إلى بدايات برنامجها النووي في الثمانينيات والتسعينيات، حين أعربت طهران عن استعدادها لقبول وقود نووي مُخصب خارجياً إذا وافقت واشنطن على السماح لأوروبا بتزويدها به، وهو ما رفضته الولايات المتحدة آنذاك، بحسب حسين موسويان، المسؤول الإيراني السابق والخبير النووي في جامعة برينستون.

تشكيك في نوايا طهران

ريتشارد نيفيو، أحد مفاوضي الملف النووي خلال إدارات أوباما وبايدن، أشار إلى أن إيران رفضت دائماً الاعتماد الكامل على مصادر أجنبية، رغم طرح أفكار لمشاريع وقود مشتركة أو متعددة الجنسيات.
وقال نيفيو: "المشكلة كانت دائماً في عدم ثقة إيران في أن تحصل على الوقود، وفي رفض الأطراف الأخرى السماح لها بإنتاجه محلياً".
ووفقاً لروبيو، فإن المقترح الحالي يسمح لطهران باستيراد اليورانيوم المخصب بنسبة لا تتجاوز 3.67%، وهو الحد المسموح به في الاستخدامات السلمية، أسوة بعدد من الدول التي تمتلك برامج نووية مدنية دون طموحات عسكرية.
لكن إيران رفعت منذ عام 2021 مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60%، ما يجعلها الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج هذا النوع عالي التخصيب، القريب من مستوى 90% اللازم لصنع قنبلة نووية.
وتشير تقديرات استخباراتية أميركية إلى أن إيران تمتلك ما يكفي من المواد لإنتاج ما لا يقل عن ست قنابل، رغم عدم وجود دلائل على أن المرشد الأعلى قد أعطى الضوء الأخضر لذلك حتى الآن.

الطاقة الذرية تدخل على الخط

رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، صرّح يوم الأربعاء بأن إيران لم تُبطئ من وتيرة أنشطتها النووية منذ بدء المحادثات مع إدارة ترامب، إلا أنه كشف عن اتفاق مبدئي لزيارة فريق فني من الوكالة إلى طهران لاستبدال معدات مراقبة كانت إيران قد أزالتها سابقاً.
ورغم أن هذه الزيارة لا ترتبط مباشرة بالمحادثات الأميركية الإيرانية، فإنها قد تُعد مؤشراً على انفتاح طهران على نوع من التسوية.

مسارات متشابكة

من المرتقب أن يقود نائبا وزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانجي وكاظم غريب آبادي، وفد بلادهم إلى محادثات عمان التقنية.
ولم تُعلن الولايات المتحدة بعد عن أسماء فريقها التفاوضي، لكن من المتوقع أن يتبع اللقاء جولة مفاوضات رفيعة بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، وهو أيضاً رجل أعمال في مجال العقارات تم تكليفه بإدارة هذا الملف المعقد.
وقال غاري سامور، رئيس مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط والمستشار السابق في إدارة أوباما، إن احتمالات قبول إيران بتخلي تام عن التخصيب "ضعيفة للغاية"، ما قد يضع إدارة ترامب أمام خيارين: إما القبول ببرنامج تخصيب محدود خاضع للرقابة، أو اللجوء إلى الخيار العسكري الذي سبق أن لوّح به في حال تعثّرت المفاوضات.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة