بعد لاءات ترامب.. سيناريوهان لمستقبل أوكرانيا
يحضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محاطا بقادة أوروبيين الإثنين إلى البيت الأبيض لعقد لقاء مع الرئيس الأميركي استبقه دونالد ترامب بإعلانه أنه من غير الوارد لكييف أن تستعيد شبه جزيرة القرم أو أن تنضم إلى الحلف الأطلسي.
وسيكون اللقاء الذي سبقته ضربات روسية جديدة على أوكرانيا، الأول من نوعه منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، وسيتم خلاله بحث سبل وضع حد لأعنف نزاع تشهده أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولا سيما مطالبة روسيا بتخلي كييف عن مناطق لها وتوفير ضمانات أمنية لأوكرانيا.
وحذر ترامب على منصته "تروث سوشال" ليل الأحد بأن:
- "لا استعادة للقرم" التي احتلتها روسيا وضمتها في 2014
- و"لا انضمام لأوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي"، مضيفا أن بإمكان زيلينسكي "إنهاء الحرب مع روسيا على الفور تقريبا، في حال أراد ذلك، أو يمكنه مواصلة القتال".
ويرافق الرئيس الأوكراني إلى واشنطن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والأمين العام للحلف الأطلسي مارك روته.
وإن كان ترامب أبدى في الآونة الأخيرة مؤشرات استياء حيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أنه استقبله بتشريفات كبيرة الجمعة في آلاسكا لعقد قمتهما، وطالب كييف بتنازلات تطرحها موسكو ويرفضها زيلينسكي إلى الآن.
بعد انتهاء قمة ترامب-بوتين في ألاسكا، لا يزال السلام في أوكرانيا بعيد المنال، لكن أكثر نهايتين احتمالًا للتدخل الروسي بدأت تتضح، بحسب
صحيفة وول ستريت جورنال.
يمكن لأوكرانيا أن تفقد أراضٍ لكنها تبقى دولة ذات سيادة وأمن، وإن كانت مصغرة. من ناحية أخرى، قد تخسر أوكرانيا كلا من الأرض والسيادة، وتعود تحت نفوذ موسكو بشكل كامل.
بوتين تجاهل الدعوات الأميركية والأوروبية لوقف إطلاق النار الذي يجمد خطوط الجبهة الحالية، ويليها التفاوض حول السيطرة على الأراضي الأوكرانية وضمانات أمنية. بدلاً من ذلك، أشار بوتين إلى استمراره في الحرب حتى تكون أوكرانيا والغرب مستعدين لتلبية أهداف موسكو الجيوسياسية الأوسع.
وقال بعد القمة: "نحن مقتنعون بأنه لضمان استقرار التسوية الأوكرانية على المدى الطويل، يجب القضاء على جميع الأسباب الجذرية للأزمة، وأخذ جميع المخاوف الروسية المشروعة بعين الاعتبار، واستعادة التوازن العادل في مجال الأمن في أوروبا والعالم ككل".
يشير تركيزه على "الأسباب الجذرية" إلى عدم تنازله عن هدفه الأكبر في استعادة النفوذ الروسي على أوكرانيا وبناء مجال نفوذ موسكو في شرق أوروبا واستعادة مكانة روسيا كقوة عالمية، وهو ما دفعه لشن الحرب عام 2022.
السيناريو الأول: التقسيم مع الحماية
أصبح القادة الأوكرانيون يدركون أنهم لا يمتلكون القوة العسكرية لاستعادة حدودهم بالكامل. الرئيس فولوديمير زيلينسكي أبدى مؤخرًا استعداده للتفاوض بشأن الأراضي في مكالمات فيديو مع الرئيس ترامب وقادة أوروبيين بعد وقف لإطلاق النار يجمد خطوط الجبهة الحالية.
تؤكد كييف والدول الأوروبية أنها لن تعترف قانونيًا بالمكاسب الروسية، لكنها مستعدة للعيش مع الواقع الفعلي للسيطرة الروسية على جزء من الأراضي. أفضل سيناريو لأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين هو تحديد روسيا بما تحتله حاليًا، أي حوالي خُمس أراضي أوكرانيا.
الأسئلة الكبرى تتعلق بما سيحدث لـ80% المتبقية من الأراضي.
وتسعى كييف وحلفاؤها الأوروبيون إلى حماية الأمن والسيادة المستقبلية للباقي، من خلال دفاعات أوكرانية قوية ودعم أمني غربي. وهناك خطة لنشر قوات أوروبية إضافية كإجراء ردع محتمل ضد أي هجوم روسي مستقبلي.
قد يشبه هذا السيناريو نهاية الحرب الكورية عام 1953، التي تركت شبه الجزيرة منقسمة، لكن كوريا الجنوبية محمية بالقوات الأميركية حتى اليوم. ومع ذلك، بالنسبة لبوتين، سيكون ذلك فشلًا تاريخيًا: فهو سيحصل على 20% فقط من الأراضي، في حين يحمي الغرب ما تبقى من أوكرانيا.
السيناريو الثاني: التقسيم مع التبعية
تتضمن مطالب روسيا منذ غزوها 2022 تقليص القوات المسلحة الأوكرانية، تقييد أسلحتها وإمداداتها الغربية، وتغيير نظامها السياسي بما يشمل الدستور والقيادة والسياسات المتعلقة بالهوية الوطنية واللغة والتاريخ.
وأكبر خطر لأوكرانيا ليس فقدان شرق وجنوب البلاد فقط، بل أن ما يتبقى قد لا يستطيع مقاومة غزو روسي ثالث.
هذا السيناريو قد يجبر كييف على الامتثال لرغبات موسكو داخليًا وخارجيًا، ما يحول الدولة المتبقية إلى محمية روسية، ويعد استسلامًا لشعب يسعى لتعزيز ديمقراطيته والانخراط مع أوروبا والغرب.
يبقى ساحة المعركة الطريقة الوحيدة لتحقيق شروط الاستسلام هذه، رغم المكاسب المحدودة للقوات الروسية من حيث المساحة، إذ تركز موسكو على إرهاق الجيش الأوكراني وإرادة الشعب لمواصلة القتال.