الكوكب VS البلاستيك.. تحرك دولي لحماية الأرض

يجتمع مندوبو ١٧٥ دولة حول العالم في بوسان، من أجل المشاركة في الجولة الأخيرة من المحادثات الرسمية لصياغة اتفاقية عالمية لإنهاء التلوث البلاستيكي.

ويأمل الجميع في أن يتم التوصل إلى اتفاق عالمي لمعالجة أزمة التلوث البلاستيكي، التي تؤثر بشكل مذهل على الكوكب وصحة الإنسان بشكل عام.

لكن المحادثات الدائرة حاليا تشهد انقساما كبيرا من ممثلي الدول في كوريا الجنوبية، ما يثير الشك حول إمكانية التوصل بالفعل إلى الاتفاق المأمول قبل نهاية العام الجاري.

ومن جانبه قال مدير حملة المحيطات في منظمة السلام الأخضر، جون هوسيفار: "هذا التجمع يمنحنا فرصة لا تتكرر سوى مرة واحدة في العمر".

وواصل هوسيفار: "قبل بضع سنوات، لم يكن بمقدورنا تخيل أن العالم بأسره سيجتمع على طاولة محادثات لمناقشة كيفية إنهاء التلوث البلاستيكي، وأتمنى أن نتمسك بهذه الروح حتى نتمكن من إنجاز شيء مهم". وعلقت مدير سياسة البلاستيك في منظمة "أوشن كونسيرفانسي" آنيا براندون: "الضغط من أجل إنشاء اتفاقية عالمية يعد بمثابة إشارة قوية بشكل لا يصدق على إنهاء هذه الأزمة".

وقد يدعو الاتفاق المأمول إلى تعديل تصميم المنتجات البلاستيكية في كل دول العالم، لزيادة عدد مرات الاستخدام وإعادة التدوير، وقد يتناول كذلك تحسين الطريقة التي يتعامل بها العالم مع النفايات البلاستيكية ما يقلل من مخاطر التلوث.

ويقول خبراء البيئة في تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن وضع تدابير للحد من كميات البلاستيك المصنعة عالميا بات في غاية الأهمية، مطالبين بفرض قيود على الإنتاج العالمي أو حظر البلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة.

يشير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى أن العالم يُنتج ما يزيد عن ٤٦٠ مليون طن متري من البلاستيك سنويا لاستخدامه في مجموعة واسعة من المنتجات المختلفة.

وتعادل نسبة إنتاج البلاستيك عالميا وزن أكثر من ٣٠٠ ألف حوت أزرق عملاق، وتأتي الولايات المتحدة في مقدمة الدول التي تحتوي على نفايات بلاستيكية.

وتنتج أميركا ما يقرب من ١٣٠ كيلوغراما سنويا من البلاستيك للفرد الواحد، وفقا لدراسة الأكاديمية الوطنية للعلوم عام ٢٠٢١.

وتقول التقديرات إن ما يصل إلى ٢٠ مليون طن من البلاستيك تتحول إلى نفايات في نهاية كل عام، ومن المتوقع أن تزيد الكمية ذاتها بحلول العام ٢٠٤٠.

ويؤثر التلوث الناجم عن نفايات البلاستيك على جميع النظم البيئية والبحرية والمياه العذبة، وهو أحد الأسباب الأساسية لفقدان التنوع البيولوجي وتدهور النظم البيئية، وتغير المناخ.

وتُصنع أغلب المواد البلاستيكية من الوقود الأحفوري، ما يسفر عن إفراز غازات سامة تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب، إذ ولد إنتاج البلاستيك نحو ٢.٢٤ غيغا طن متري من الانبعاثات في عام ٢٠١٩، ما يعادل أكثر من ٥٠٠ مليون سيارة تعمل بالغاز لمدة عام، وفقا لبحث آخر في مختبر لورانس بيركلي الوطني.

وتشير الدراسات إلى أن المواد البلاستيكية بعضها يحتاج مئات السنين كي يتحلل، كما ينتج عنها جزئيات بلاستيكية دقيقة أصغر من ٥ ملليمترات، عثر عليها في أجساد البشر.

وكشفت دراسة أخرى نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" عن أن المخاطر الناجمة عن جزئيات البلاستيك الدقيقة تزداد يوما بعد يوم، حيث أن الإنسان يتنفسها ويأكلها ويشربها.

احتفت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن، بمرور ألف يوم على صدور القرار التاريخي الذي منح الضوء الأخضر لمحادثات الدول للقضاء على النفايات البلاستيكية.

وفي كلمتها خلال افتتاح الجلسة العامة للجنة الدولية بكوريا الجنوبية، قالت أندرسن، إن بعض المواد البلاستيكية تحتاج إلى ألف عام لكي تتحلل، لكن بعد ألف يوم من المحادثات، سيعمل العالم على أن تكون الألف سنة المقبلة خالية من التلوث البلاستيكي.

وقالت أندرسن إنها تلقت رسائل من الأطفال حول العالم يحدثونها عن مخاطر التلوث البلاستيكي، واختارت قراءة رسالة واحدة فقط من طفلة تدعى مايلز كاريوكي من كينيا، كتبت لها وللعالم: "مع انتشار التلوث البلاستيكي لن يكون لدينا طعام، الأسماك تأكل البلاستيك، ولن يكون لدى آبائنا المال لدفع مصاريف مدارسنا، أرجوكم ساعدونا".

وانخفض صيد الأسماك في الكثير من المجتمعات بسبب البلاستيك الذي بات يحل محل طعام البحر في شباك الصيادين، وتأثرت حياة الناس بشكل سلبي واضح.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عبر رسالة بالفيديو في الجلسة الافتتاحية ببوسان: "عالمنا يغرق في تلوث البلاستيك، حيث ننتج كل عام ٤٦٠ مليون طن من البلاستيك، ويتم التخلص من أغلبها بسرعة وتتحول إلى نفايات".

وتابع غوتيريش: "بحلول عام ٢٠٥٠ قد يكون عدد البلاستيك في المحيطات أكبر من عدد الأسماك، كما أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة الموجودة في مجرى الدم لدينا تسبب مشاكل صحية لم نبدأ في فهمها بعد".

وشدد الأمين العام على ضرورة التوصل إلى اتفاق عالمي بنهاية المحادثات الحالية في الأول من ديسمبر المقبل، وأن تسفر دورة بوسان عن معاهدة "طموحة وموثوقة وعادلة" من أجل حماية الكوكب من مخاطر البلاستيك.