بيئة

من المدارس إلى المفاعلات.. كيف تشل موجة الحرّ فرنسا؟

نشر
blinx
في ظلّ موجة حرّ غير مسبوقة تضرب فرنسا منذ 13 يوماً، دخلت البلاد، يومي الثلاثاء 1 يوليو والأربعاء 2 يوليو، مرحلة الذروة في درجات الحرارة، ما انعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين.
فقد أعلنت وزارة التربية الوطنية إغلاق نحو 1,350 مدرسة حكومية يوم الثلاثاء من أصل 45,000، أي ضعف عدد المدارس المغلقة في اليوم السابق، فيما أوصت مدارس أخرى أولياء الأمور بإبقاء أبنائهم في المنازل، حسب صحيفة لوموند.
وفي باريس، أُغلق الجزء العلوي من برج إيفل أمام الزوار حتى يوم الأربعاء، حفاظاً على سلامة الموظفين والسياح. أما في الجنوب، فقد توقفت محطة "غولفيش" النووية عن تشغيل أحد مفاعلاتها بسبب ارتفاع حرارة مياه نهر غارون التي بلغت نحو 28 درجة مئوية، وفقا لما أعلنت عنه صحيفة لوفيغارو.

وفيات وإسعافات طارئة

تزامناً مع هذا التصعيد المناخي، أعلنت مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية "ميتيو فرانس" وضع 16 دائرة إدارية تحت الإنذار الأحمر، وهو أعلى مستوى تحذير، بالتنسيق مع وكالة الصحة العامة ومديرية الصحة.
ذكرت صحيفة لو باريزيان أنّ وزيرة التحول البيئي، أنييس بانييه-روناشيه، أعلنت عن تسجيل حالتي وفاة حتى الآن نتيجة مباشرة لموجة الحرّ، مشيرة إلى أنّ "شخصين توفّيا إثر تعرّضهما لوعكات صحية". وأضافت الوزيرة أنّ "أكثر من 300 شخص تلقّوا إسعافات عاجلة من قبل فرق الإطفاء".

من المدارس إلى المفاعلات.. موجة حرّ تشل فرنسا (أ.ف.ب)

وتشهد فرنسا هذا العام موجة الحرّ الخمسين التي تُسجَّل في تاريخها منذ عام 1947، والثالثة والثلاثين منذ بداية القرن الحالي. وبينما لا يُتوقّع تحطيم الرقم القياسي المسجّل في 2019، 46 درجة مئوية في جنوب البلاد، فإنّ درجات الحرارة تتراوح حالياً بين 36 و40 درجة مئوية، وقد تصل إلى 41 درجة في بعض المناطق، ما دفع رئيس الوزراء فرانسوا بايرو إلى إلغاء زيارة ميدانية لمتابعة الوضع عن كثب.

لماذا ترتفع درجات الحرارة بهذه الطريقة؟

تتعرّض منطقة البحر الأبيض المتوسط لموجة حرّ بحرية استثنائية، تتزامن مع "قبة حرارية" قوية تسببت في ارتفاع غير مسبوق لدرجات الحرارة في أجزاء واسعة من أوروبا منذ بداية الصيف، جسب شبكة سي إن إن.
وقد أصبحت هذه الظاهرة النمطية تتكرّر بوتيرة متزايدة مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. ففي السنوات الأخيرة، بات تأثير موجات الحرّ البحرية في المتوسط أكثر وضوحاً، حيث تساهم حرارة المحيط في رفع درجات الحرارة على اليابسة، ما يؤدّي إلى فيضانات مدمّرة وحرائق غابات واسعة النطاق.
تشير البيانات إلى أن حرارة مياه المتوسط هذا العام تجاوزت المعدلات المعتادة بما يصل إلى 9 درجات مئوية، خاصة في الجزء الغربي منه جنوب فرنسا، مما يزيد من نسبة الرطوبة التي تتجه شمالاً، ويمنع انخفاض الحرارة ليلاً في المناطق المتأثرة.
وتتغذّى هذه الدورة الحرارية من تدفّق الهواء الساخن المقبل من شمال إفريقيا، ما يعزّز بدوره موجة الحرّ البحرية ويُكرّس حلقة تغذية راجعة تزيد من شدّتها وانتشارها.

أزمة مياه تتفاقم مع استمرار موجة الحرّ

نتيجة مباشرة لموجة الحرّ الحادّة التي تضرب فرنسا، تتدهور أوضاع الجفاف بشكل متسارع، ما دفع السلطات إلى فرض قيود مشددة على استهلاك المياه في عدد كبير من المناطق، وفقا لصحيفة لوموند.
فبحسب التحديثات الصادرة يوم الإثنين، تمّ وضع 26 دائرة إدارية في حالة إنذار جفاف، بينما بلغت 10 دوائر مرحلة الأزمة في جزء من أراضيها، وهو ما استدعى فرض قيود صارمة على استخدام المياه. وفي 34 دائرة أخرى، أصدرت المحافظات أوامر تنظيمية تحدّ من الاستهلاك، في محاولة لحماية الموارد المتبقية.

من المدارس إلى المفاعلات.. موجة حرّ تشل فرنسا. أ ف ب

وتشهد فرنسا ظاهرة جفاف متزايدة تتمثل في جفاف الأنهار، خاصة في المناطق الشرقية من البلاد، وسط مخاوف متصاعدة من انخفاض منسوب المياه الجوفية. وتتركّز هذه المخاوف بشكل خاص في منطقتي "بيرينيه أورينتال" و"أود" جنوب البلاد، حيث تعانيان من شحّ مائي مزمن منذ عام 2022.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة