"ما لم يقله بري".. رسالة لـ"شيعة لبنان" بعد "تحذير" نصرالله

نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي قال لبلينكس إن بري تحدث من منطق وطني لبناني لتحصين الجبهة الداخلية بعد الحرب، مشيرا إلى أن كلامه لا يخص فئة معينة بل يشمل الجميع، وتابع "دائما كان بري معنيا بلغة الشراكة، وهذا الأمر ينادي به في مختلف المواقف والاستحقاقات، وبالتالي على جميع الأطراف تبني هذا المنطق لأنه لا بديل له في لبنان".

من ناحيته، يقول المحلل السياسيّ اللبناني داوود رمال لبلينكس إن برّي يحاول "لبننة" سلوك الشيعة السياسي في لبنان من خلال الارتكاز إلى اتفاق الطائف الذي أنهى حرب لبنان الأهلية عام 1989.

ويشير رمال إلى أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان كانت أخطر من الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، لافتا إلى أن بري استشعر الخطر الكبير الناجم عن هذه الحرب، وحاول الاستفادة من الوحدة الوطنية اللبنانية التي تجلّت خلالها عبر احتضان مختلف المجتمعات اللبنانية للنازحين.

رمال اعتبر أنّ الحرب حملت تغييرات كبيرة على حزب الله، مشيرا إلى أن الأخير يواجه تحديا كبيرا داخل بيئته، وأضاف "الموت دخل كل منزل شيعي وعلى الحزب إعادة قراءة سلوكه السياسي.. دعوة بري الشيعة للاندماج ضمن الدولة تؤكد أنه عليهم التناغم مع البيئة اللبنانية بعيدا عن منطق الفرض والقوة لأنه لم يعد قائما وساريا خصوصا بعد الحرب".

وذكر رمال أنه في حال لم يتلقف شيعة لبنان رسالة بري الداعية للإندماج و"اللبننة"، فإنهم سيواجهون خطرا وجوديا، وتابع "كلام بري كان واضحا لإنقاذ الشيعة خصوصا أن الأحوال حاليا تبدلت بعد الحرب وبات هناك من ضرورة لاعتماد نهج جديد".

يجمع المحللون الذين تحدثت معهم بلينكس على فكرة أساسية وهي أن الحرب التي حصلت بدلت الكثير من الأمور في لبنان، مشيرين إلى أنَّ النظرة لحزب الله وقوته باتت مختلفة عن السابق، في حين أن المعادلات التي كان يفرضها الأخير لم تعُد فاعلة.

إزاء ذلك، يعتبر المحللون، وعلى رأسهم رمال، أن بري انطلق من التبدلات الأخيرة بعد الحرب وقرأها بشكل معمق، ليس من أجل "حشر حليفه حزب الله"، بل لإيصال رسالة إليه مفادها إن "المرحلة الجديدة تستوجب تعاطيا مختلفا في الداخل"، وهذه نصيحة يجب الأخذ بها وإلا فإن الأمور ستكون صعبة جدا على لبنان والوجود الشيعي فيه.

رمال قال إنّه على حزب الله المضي بما يقوله بري، خصوصا أن الأخير يتحدث باسمه، خلال مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل، كما يشير.

مع هذا، يكشف رمال أن بري نصح أمين عام حزب الله السّابق حسن نصرالله بعدم الدخول بحرب الإسناد لغزة، واصفا إياها بـ"الكمين لحزب الله"، لكن الأخير رفض ذلك، مشيرا إلى أنه ملتزم بوحدة الساحات ضمن "محور الممانعة"، وبالتالي فإنه عليه تطبيق الإسناد تأكيدا لشعار الوحدة، وإلا سيُتهم بالخيانة.

بالنسبة لرمال، فإن نصرالله دفع حياته ثمن حرب الإسناد، موضحا أن بري خسر في المقابل إنجازات بسبب تلك المعركة، وأضاف "خلال 40 عاما من العمل السياسي، كان بري يهدف لتأسيس مشاريع تنموية في الجنوب مع إعمار المؤسسات وغيرها، لكن الحرب الأخيرة التي لا يتفق عليها اللبنانيون، جاءت ودمّرت غالبية ما أنجزه بري طوال تلك السنوات بفترة قصيرة جدا، وهذا أمر ليس سهلا أبدا".

ومع الرسالة التي أطلقها لشيعة لبنان وبشكل غير مباشر لحزب الله، تحدث بري عن ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون بعيدا عن منطق التحدي.

ومنذ شغور موقع الرئاسة الأولى في لبنان منذ أواخر 2022 وحتى قبل ذلك، كان الخلاف بين القوى السياسية في لبنان و حزب الله، يتمحور حول مسألة أساسية ترتبط باعتماده مبدأ التمسك بمرشحه الرئاسي "دون غيره".. فما هي رسائل بري في هذا الإطار بعد كل ما شهده لبنان وتحديدا إثر الحرب؟

يقول الفرزلي لبلينكس إن بري ذهب باتجاه إعادة إبراز ملف الرئاسة باعتباره الأولوية بعد تحقيق وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن "بري ينادي برئيس يطمئن الجميع في لبنان وهذا أمر في غاية الأهمية"، وقال "إنقاذ البلد لا يكون إلا من خلال الارتكاز للمؤسسات واتفاق الطائف ولا طريق أخرى غير ذلك لأن منطق التحديات لا يفيد".

من ناحيته، يقول المحلل السياسي أمين قمورية لبلينكس إن بري يقول بشكل واضح أنه ما عاد بالإمكان فرض أي شيء على الآخرين حتى في ملف الرئاسي، مشيرا إلى أن كلام بري يستند بشكل خاص إلى ضرورة تطبيق إتفاق الطائف في الملف الرئاسي والتعاطي مع الأمور الحالية بواقعية، وقال "لعبة الضغط والفرض لم تعد مجدية، ونداء بري هو التفاهم بين مختلف الأفرقاء اللبنانيين لانتخاب رئيس".

بدوره، يقول رمال إنه لم يعد باستطاعة حزب الله منح الوعود القاطعة لأي أحد على صعيد ملف رئاسة الجمهورية، معتبرا أن مسألة فرض الأسماء وتعطيل الاستحقاقات من أجلها لم يعد رائجا.

رمال يفيد بأنّ "الفرصة مؤاتية لانتخاب رئيس لأن كل اللبنانيين تأذوا من الحرب"، لافتا إلى أن لبنان بحاجة إلى رئيس يستطيع التحدث مع الداخل والخارج في آن معا.