سياسة
"كنتُ أظنّ أن الإضراب حق خاص بالموظفين"، هكذا عبّرت فاطمة عن فرحتها بموافقة الحكومة المغربية على منح العاملات والعمال المنزليين الحق في الإضراب، في أثناء مناقشة قانون الإضراب في البرلمان.
فاطمة، التي تبلغ من العمر 37 عاما، وتعمل في العمالة المنزلية منذ أن كانت في عمر الـ17، تقول لـ"بلينكس" إنها تأمل أن يكون القانون الذي تستعد الحكومة لإخراجه إلى حيّز الوجود بعد أن تعثّر إصداره لسنوات، "بداية لرفع التهميش عن هذه الفئة".
حقوقيون تحدّثوا مع "بلينكس"، قالوا إن منح العاملات والعمّال المنزليين الحق في الإضراب، هو إنصافٌ لهذه الفئة، لكنهم يرون بالمقابل مِن ذلك، أنّ هناك اختلالات قد تحول دون الاستفادة من هذا الحق.
فما هو قانون الحق في الإضراب الذي أنصف فئة ظلت مهمشة ولم تمارس حقها في التعبير أو الاحتجاج؟
فاطمة، التي تعيل براتبها أسرة مكونة من 6 أفراد، تقول في حديثها مع "بلينكس": "أعمل في المنازل منذ أن كنت في عمر الـ17، عشتُ ظروفا قاسية، لكنني لم أكن أملك يوما أي صيغة للاحتجاج، عدا ترك المكان نهائيا"، وتضيف: "كنتُ أظن أن الإضراب حق خاص بالموظفين".
فوزية سيدة أخرى تعمل في المنازل منذ أكثر من 5 أعوام، عبّرت عن تفاؤلها من هذا القرار، لكنها بالمقابل، قالت إنها "تتوجَّس منه"، مبررةً ذلك بخوفها من الطرد، إذا ما لجأت يوما إلى الإضراب.
وتسترسل فوزية قائلة "إنه مِن السّهل جدا أن يستغني المشغلون عن خدماتنا وتعويضنا بآخرين"، مضيفة أنّها ترجو "أن يأخذ القانون الجديد هذا الأمر بعين الاعتبار".
نال العمّال والعاملات في المنازل هذا الحق، في سياق مناقشة الحكومة للقانون الذي يؤطر الحق في ممارسة الإضراب، وذلك بعدما قبِل يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، إدراج هذه الفئة ضمن الفئات الأخرى التي سيشملها القانون عند صدوره.
وأكد الوزير المغربي، خلال اجتماع له مع لجنة القطاعات الاجتماعية بالبرلمان، أن "القانون الجديد لن يستثني أي فئة من الشغيلة".
وصادقت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، صباح الأربعاء، بالأغلبية، على مشروع القانون الذي يحدد شروط وكيفية ممارسة حق الإضراب.
فعاليات نسائية تحدثت مع "بلينكس"، رحّبت بخبر إدماج العاملات المنزليات ضمن الشغيلة التي ستتمتع بحقها في الإضراب، معتبرة أن ذلك "سيسهم في رفع التهميش عن هذه الفئة من النساء اللاتي يعانين في المنازل دون وسيلة للاحتجاج".
وبالمقابل من هذا الرأي، يرى حقوقيون آخرون أن إقرار هذا الحق بالنسبة إلى هذه الفئة وحده، ليس كافيا، ومن بينهم إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، الذي برر هذا الرأي في تصريح لـ"بلينكس"، بالقول إن "الإضراب لم يعد له أي تأثير كبير، إلا في حالات نادرة".
وأكد أن تمتّع فئة العاملات والعاملين في المنازل بهذا الحق، يصطدم بصعوبة ضبط هؤلاء العمال والعاملات وصعوبة الولوج إلى المنازل والاطلاع على وضعياتهم.
ولا تتوفر في المغرب إحصائيات رسمية حول حجم العمالة المنزلية، لكن بعض التقديرات الرسمية تشير إلى أن هناك ما يقارب الـ200 ألف عامل وعاملة منزلية، بينما تقدّر مؤسسات نقابية ومدنية العدد بمليون شخص.
© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة