سياسة

شاطئ تحول إلى مقبرة في غزة.. شهادات مروعة من "مقهى الإنترنت"

نشر
AFP
 &  & 
كان أحمد النيرب، شاب في السادسة والعشرين من عمره، يجلس على الشاطئ قرب استراحة "الباقة" حين دوى انفجار هائل. يقول وقد ارتجف صوته لوكالة فرانس برس إن "هناك دائما الكثير من الناس في هذا المكان الذي يقدم المشروبات ومساحات للعائلات وخدمة الإنترنت"، مضيفا أنه رأى أشلاء تتطاير في كل مكان، جثثا مشوهة ومحترقة. كان المشهد مروعا. كان الجميع يصرخون. كان الجرحى يستغيثون، والعائلات تبكي القتلى.
لم يكن يتخيل أن الاستراحة التي كانت متنفساً للهاربين من رعب الحرب ستتحوّل هي نفسها إلى مسرح لجريمة دموية.
في بيان للجيش الإسرائيلي، زعم أن الغارة استهدفت عددا من عناصر حماس داخل المقهى، مشيرا إلى أنه اتخذ "إجراءات للحد من خطر إيذاء المدنيين"، لكنه أضاف أن الحادث "قيد المراجعة"، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
الحصيلة كانت ثقيلة: 60 قتيلا من بينهم أطفالا، في واحدة من أعنف الضربات منذ أسابيع.

قصف استراحة الباقة.. لحظة هدوء تحوّلت إلى كابوس دموي (أ.ف.ب)

جاء هذا الهجوم بينما تتجه الأنظار نحو واشنطن، حيث يستعد مسؤولون إسرائيليون لإجراء محادثات جديدة بشأن وقف إطلاق النار في غزة، برعاية أميركية ووساطة مصرية. لكن على الأرض، لا شيء يوحي بأن الهدنة قريبة.

"كل يوم بنسمع عن هدنة.. وكل يوم بنشوف موت"

في حي الزيتون شرق مدينة غزة، وبينما تتصاعد أعمدة الدخان من مدرسة مدمرة، قال صلاح، وهو أب لخمسة أطفال: "الانفجارات ما وقفت، قصفوا مدارس وبيوت، الإحساس كان زي إللي فيه زلزال"، مضيفا "في الأخبار بنسمع إنه في هدنة قريب، وعلى الأرض كل إللي بنشوفه وبنسمعه موت وانفجارات".
قال السكان إن الدبابات الإسرائيلية توغلت في المناطق الشرقية من ضاحية الزيتون في مدينة غزة وقصفت عدة مناطق في الشمال، بينما قصفت الطائرات ٤ مدارس على الأقل بعد أن أمرت مئات العائلات التي كانت تحتمي بداخلها بالمغادرة.

قصف استراحة الباقة.. لحظة هدوء تحوّلت إلى كابوس دموي (أ.ف.ب)

أما أماني صوالحة، نازحة من منطقة تعرضت لقصف سابق، وقفت وسط أنقاض المدرسة التي كانت تأويها، تصرخ بوجه الكاميرات: "شوفونا إحنا يا عمي مش مجرد أرقام ولا مجرد صور". وأضافت "من حقنا يعني أنه نعيش وعيشة كريمة مش هيك بهدلة".
وقالت السلطات الصحية إن 58 شخصا على الأقل قتلوا في الغارات الإسرائيلية اليوم، منهم عشرة في حي الزيتون و13 على الأقل جنوب غربي مدينة غزة. وقال مسعفون إن معظم القتلى الثلاثة عشر أصيبوا بالرصاص إلا أن السكان قالوا إن غارة جوية وقعت أيضا.

شهود يروون فظائع الغارة: "لا توجد خطوط حمراء"

نقلت شبكة سكاي نيوز البريطانية عن شهود عيان قولهم: "انسَ الخطوط الحمراء، لقد تجاوزنا كل شيء، ولم يعد هناك ما يقال، نظرت من حولي فلم أر سوى الدماء، رجال وشهداء وأطراف ممزقة.
وأضاف أحدهم: "أمر لا يُصدق.. الناس يأتون إلى هنا، إلى الغرب، ليلتقطوا أنفاسهم من هول ما يشاهدونه داخل غزة".

قصف استراحة الباقة.. لحظة هدوء تحوّلت إلى كابوس دموي (أ.ف.ب)

الغارة التي ضربت مقهى الإنترنت قرب البحر قتلت فناناً فلسطينياً يدعى فرانس السالمي، والمصور الصحفي إسماعيل أبو خطاب. وانتشرت صور مروعة من موقع القصف، بينها صورة للصحفية بيان أبو سلطان، مغطاة بالدماء وتبدو مذهولة وسط الركام.
أكدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن أكثر من 220 صحفياً قُتلوا منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، في ظل تواصل القصف واستهداف أماكن مكتظة مثل المدارس والمقاهي.

حديث عن تهدئة.. وواقع من الدم

في وقت يتحدث فيه وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى مسؤولين أميركيين عن "فرص جديدة" للتوصل إلى هدنة، يتعمق الجرح في غزة. وقالت وزيرة الخارجية النمساوية بياته ماينل-رايزينغر، من القدس أمس، الإثنين، وبجوارها نظيرها الإسرائيلي، للصحفيين إن فيينا تشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الإنساني في غزة، والذي وصفته بأنه "لا يحتمل".
وقالت مصادر فلسطينية ومصرية إن الجهود مستمرة، لكن لا موعد لمفاوضات جديدة بعد، وسط رفض حماس نزع سلاحها، وتمسك إسرائيل بشرط تفكيك الحركة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة