قمع ما بعد الحرب.. مخاوف إيرانية من "عقاب مزدوج" في السجون
ازدادت حياة رضا خندان سوءًا منذ تعرض سجن إيفين بطهران، حيث كان نزيلًا، لغارة جوية إسرائيلية في 23 يونيو. في الليلة التالية، نُقل ناشط حقوق الإنسان البالغ من العمر 60 عامًا، والذي اعتُقل عام 2024 لدعمه حركة المرأة، إلى سجن آخر في جنوب العاصمة، حيث أخبر عائلته أن ظروفه صعبة التحمل.
قالت ابنته مهراوه خندان، التي وصفت الظروف الصحية "بالمروعة" في السجن: "والدي وآخرون ليس لديهم أسرّة ويضطرون للنوم على الأرض" وإن بق الفراش بالبطانيات منتشر، وفق تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
ومنذ نهاية حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران ساءت ظروف السجناء السياسيين، وفق ما تقوله عائلاتهم، فيما يتخوف النشطاء من عدم قدرة السجناء على تحمل قمع السلطات الإيرانية الذي ازداد شدة منذ الحرب الإسرائيلية.
مصير مجهول للسجناء بعد "غارة إيفين"
ومنذ بدء الحرب في 13 يونيو بسلسلة من مئات الغارات الجوية الإسرائيلية التي قالت إسرائيل إنها تهدف إلى منع إيران من امتلاك سلاح نووي، نقلت السلطات الإيرانية عددًا غير معروف من السجناء إلى مراكز احتجاز أخرى في أعقاب غارة على سجن إيفين، والتي أسفرت عن مقتل 71 شخصًا، بعضهم في السجن وآخرون في محيطه.
لا يزال مكان الكثيرين مجهولًا، لكن من كانوا على اتصال بأقاربهم قالوا إن سجونهم الجديدة أسوأ من سجن إيفين، الذي اشتهر بتعذيب المعتقلين السياسيين، وفق الغارديان.
توضح مهراوه، المقيمة في أمستردام: "كانت مياه الطهي الوحيدة المتاحة للسجناء مالحة ، وشهدنا في الأيام الأخيرة اختفاء العديد من السجناء الذين كانوا يواجهون بالفعل عقوبة الإعدام أو أحكامًا طويلة".
لم تسمع العديد من العائلات عن أحبائها، حيث اصطفت طوابير طويلة للحصول على الهواتف القليلة في مراكز الاحتجاز. وقال آسو عزيزي، شقيق بخشان عزيزي، وهي عاملة إغاثة كردية، تنتظر تنفيذ حكم الإعدام فيها، إنه لم يسمع عنها منذ يومين.
نُقلت هي ونساء أخريات إلى سجن قرجك، الذي يُوصف بأنه مكتظ وغير صحي. وقال آسو: "للأسف، لم يتمكنّ حتى من أخذ أغراضهن الشخصية والصحية معهن".
إلى جانب الظروف غير الصحية، يشعر آسو بالرعب من أن تُعجّل السلطات بتنفيذ حكم الإعدام على أخته، الذي صدر بحقها في يوليو 2024 "فقط بسبب أنشطتها الإنسانية والحقوقية السلمية"، وفقًا لمنظمة العفو الدولية، وتتهمها السلطات الإيرانية بالتمرد المسلح ضد الدولة.
وقال آسو: "هناك قلق من أنه كما كانت عملية التعامل مع قضيتها متسرعة للغاية وسريعة، حيث تم تأكيد هذا الحكم في ثلاثة أيام فقط، فإنهم الآن سينفذون هذا الحكم لإثارة الرعب بين الناس".
نقاط تفتيش في جميع أنحاء البلاد
مع تدهور الأوضاع في السجن، وصف ناشطون وسكان طهران أيضًا موجة من القمع في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من آثار الحرب. فقد أقامت قوات الأمن نقاط تفتيش في جميع أنحاء البلاد، حيث أوقفت المشاة وفتشت هواتفهم المحمولة، واحتجزت أحيانًا أشخاصًا بناءً على نشاطهم على الإنترنت.
تأتي هذه الحملة الأمنية في الوقت الذي تواجه فيه السلطات الإيرانية اختراقًا استخباراتيًا إسرائيليًا واسع النطاق لقواتها، وموجة من الانتقادات عبر الإنترنت.
ووفقًا لوسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، اعتُقل 700 شخص بتهمة التعاون مع إسرائيل خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا. وأفاد مركز حقوق الإنسان في إيران (CHRI)، ومقره نيويورك، باعتقال مئات آخرين في طهران، وإعدام 6 أشخاص بتهم التجسس.
ويدرس البرلمان الإيراني مشروع قانون يسمح بتوسيع نطاق استخدام عقوبة الإعدام لمن يُتهمون بالتعاون مع قوى أجنبية، مع إشارة السلطات القضائية تحديدًا إلى التجسس مع إسرائيل.
يوضح هادي قائمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران: "تحتجز السلطات الإيرانية الأشخاص بمعزل عن العالم الخارجي دون سبب أو السماح لهم بتوكيل محامٍ، وتُرسلهم إلى المشنقة بتهم "الأمن القومي" بهدف إرهاب الرأي العام وإعادة فرض السيطرة".
يُعاني نظام السجون الإيراني من الغموض، لا سيما فيما يتعلق بالسجناء السياسيين. ويعاني النظام القضائي من محاكمات سرية ومزاعم تعذيب. وغالبًا ما يُمثل تعقب المعتقلين عبر أجهزة الأمن الإيرانية المعقدة تحديًا.
بالنسبة لعائلات السجناء السياسيين الإيرانيين، ستكون الأيام المقبلة مليئة بالخوف. وقالت مهراوه: "من الواضح أن موجة جديدة من القمع الشديد قد بدأت، وهي أشد من أي وقت مضى. نحن قلقون للغاية".