بالحوار لا بالسلاح.. "تقرير المصير" بالسويداء يواجه خيار الشرع
في أحدث إطلالة له ليل السبت- الأحد، شدّد الرئيس السوري، أحمد الشرع، على أنّ معركة توحيد البلاد "يجب ألا تكون بالدماء والقوة العسكرية"، رافضًا أيّ تقسيم ومتّهمًا إسرائيل بالتدخل في الجنوب، وذلك خلال جلسة حوارية مع وجهاء إدلب بثّها التلفزيون الرسمي، حيث قال: "أسقطنا النظام في معركة تحرير سوريا ولا يزال أمامنا معركة أخرى لتوحيد سوريا، ويجب ألا تكون بالدماء والقوة عسكرية".
وأكّد "إدانة" التجاوزات و"مُساءلة كلّ من قام بهذه الانتهاكات من كلّ الأطراف" في السويداء.
وتأتي هذه التصريحات بعد ساعات من تظاهرة رفعت شعار "حق تقرير المصير" في السويداء، لوّح خلالها متظاهرون بالأعلام الدرزية وبعض الأعلام الإسرائيلية وسط اتهامات متبادلة وواقع إنساني متوتر منذ يوليو.
وبين دعوات الانفصال ومساعي الإغاثة والوساطات، برزت تحركات إنسانية عبر ممر بصرى الشام بخروج وعودة عائلات "بتسهيلات كاملة من الحكومة"، إلى جانب مسار سياسي- أمني شمل اجتماع عمّان الثلاثي لتثبيت وقف إطلاق النار، وتسريبات عن مسعى أميركي لفتح ممر إنساني بين إسرائيل والسويداء، وفق أكسيوس.
وفي موازاة ذلك، عاد ملف "قسد" إلى الواجهة مع تأكيد الشرع أنّ "الاتفاق سيحصل" وأنّ البحث جارٍ في آليات تطبيقه بعد تعطّل تنفيذ اتفاق 10 مارس بسبب خلافات بين الطرفين.
قال الشرع إنّ التوحيد يجب أن يتمّ "بالحوار لا بالسلاح"، رافضًا أيّ أخطار تقسيم ومؤكدًا أنّ ذلك "مستحيل"، مع اتهامه لإسرائيل بأنها "تتدخل في السويداء بشكل مباشر" وتسعى إلى "اختلاق حجة للتدخل في السياسات القائمة في المنطقة الجنوبية".
وأقرّ بوجود "تجاوزات من كل الأطراف" في السويداء، مشيرًا إلى أنّ "بعض أفراد الأمن والجيش.. قام ببعض التجاوزات"، ومشدّدًا على التزام الدولة بـ"محاسبة كلّ من قام بهذه الانتهاكات من كل أطراف مجتمعة".
ماذا تقول احتجاجات السويداء الأخيرة؟
شهدت السويداء تظاهرات رفعت شعار "حق تقرير المصير" ولوّح خلالها مشاركون بالأعلام الدرزية وبعض الأعلام الإسرائيلية وصور شيخ العقل حكمت الهجري، مع هتافات "السويداء حرة حرة" ولافتات تُطالب بـ"فتح معبر إنساني" و"إخراج الأمن العام من القرى".
ووفق تقرير تلفزيون سوريا، اتّخذت المطالب مسارًا تصعيديًا غير مسبوق بـ"الانفصال الكامل" عن الدولة، مع جدل حول الرموز المرفوعة وتمثيلها لأهالي المحافظة، وتباينٍ في الآراء بين من وصف ما يجري بأنه "مشروع انفصالي.. تدعمه أطراف أبرزها إسرائيل"، ومن حمّل الحكومة مسؤولية "تعميق الانقسام" أو دعا إلى "التهدئة" ومدّ "الأيادي البيضاء".
وذكرت فرانس برس أنّ أعمال العنف في يوليو أسفرت عن مقتل أكثر من 1600 شخص، ورافقها انقطاع المياه والكهرباء وشحّ المواد الأساسية، فيما تتهمُ جهات محلية الحكومة بفرض حصار تنفيه دمشق، مع الإشارة إلى ضربات إسرائيلية "قرب القصر الرئاسي وعلى مقر هيئة الأركان في دمشق" خلال تلك الأحداث.
كيف تتحرّك قنوات الإغاثة والوساطة؟
أفاد الدفاع المدني بخروج 97 عائلة تضم 385 مواطنًا من السويداء ودخول 57 عائلة تضم 227 مواطنًا عبر ممر بصرى الشام الإنساني، مع استمرار إدخال القوافل وإجلاء الراغبين "بتسهيلات كاملة من الحكومة"، وسبق أن خرجت خلال الأسبوع الفائت 98 عائلة (391 مواطنًا) ودخلت 32 عائلة (128 مواطنًا) عبر المعبر نفسه، حسب الإخبارية السورية.
وعلى المسار السياسي- الأمني، اتُّفق في عمّان على "تشكيل مجموعة عمل ثلاثية سورية- أردنية- أميركية" لإسناد جهود تثبيت وقف إطلاق النار في السويداء، مع تأكيد أنّ المحافظة "جزء أصيل من سوريا"، والترحيب بتحقيقات رسمية ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والتعاون مع هيئات الأمم المتحدة.
وبالتوازي، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أنّ واشنطن تعمل على اتفاق لممرّ إنساني بين إسرائيل والسويداء لتحسين وصول المساعدات، مع إبلاغ دمشق بمخاوف من "تهريب أسلحة" عبر الممر.
أين وصل ملف "قسد" وما دلالته على التوحيد؟
قال الشرع: "سوف يحصل الاتفاق.. والآن نناقش آليات تطبيقه"، مشيرًا إلى أنّ "قسد يعبرون عن استعدادهم لتطبيق هذا الاتفاق.. وأحيانًا تبدر منهم على الأرض إشارات معاكسة لما يقولونه في المفاوضات والإعلام"، وذلك بعد تعطّل تنفيذ اتفاق 10 مارس الموقّع مع مظلوم عبدي برعاية أميركية بسبب خلافات بين الطرفين، ولقاء وزير الخارجية أسعد الشيباني مسؤولًا رفيعًا من الإدارة الكردية في دمشق الأسبوع الماضي.