كيف أعاد "الساحر" كونسيساو البريق إلى ميلان؟
لم يكن أكثر المتفائلين في ميلان الإيطالي يتوقع أن يعود فريقه من المملكة العربية السعودية محملا بكأس السوبر الإيطالي، وذلك للظروف الاستثنائية التي عاشها "الروسونيري" والمتمثلة في إقالة مدربه البرتغالي باولو فونسيكا لسوء النتائج، وتعيين مواطنه سيرجيو كونسيساو قبل 4 أيام فقط من انطلاق البطولة.
ولم يحتج كونسيساو سوى لحصص تدريبية قصيرة، ليحول "حملان" ميلان الوديعة إلى "ذئاب" مفترسة، إذ أسقط فريقه يوفنتوس في نصف نهائي البطولة 2ـ 1، ثم غريمه إنتر ميلان في النهائي 3 ـ 2، الاثنين، بريمونتادا في الوقت بدل الضائع، ليتوج بدوري السوبر الإيطالي للمرة الثامنة في تاريخ ميلان، معادلا رقم إنتر، ويصبحا سويا بفارق لقب وحيد عن يوفنتوس.
وكان إنتر متقدما بهدفي لاوتارو مارتينيز (45+1) ومهدي طارمي (47)، قبل أن يقلب ميلان الطاولة بأهداف كل من ثيو هيرنانديز (52)، وكريستيان بوليسيتش (80) وهدف تامي أبراهام القاتل في الدقيقة (90 + 3)، وذلك خلال المباراة التي جرت بملعب الأول بارك بالرياض.
وأعاد كونسيساو بهذا الفوز ميلان إلى منصة الألقاب في كأس السوبر لأول مرة منذ 2016، كما ثأر لخسارته أمام إنتر 3ـ0 في نهائي 2022 بالرياض.
اقتحم المدرب كونسيساو تاريخ ميلان من الباب الواسع، إذ لم يحتاج سوى لمباراتين فقط ليمنح ميلان لقبا كبيرا.
ووفقا لشبكة أوبتا للإحصاء، فإن كونسيساو هو المدرب الذي احتاج لأقل عدد من المباريات مع ميلان للفوز بكأس في تاريخ نادي الروسونيري في جميع المسابقات منذ موسم 19129ـ1930.
وكان الرقم القياسي السابق مسجلا لفينتشينزو مونتيلا، الذي توج مع ميلان بكأس السوبر الإيطالي في ديسمبر 2016 في مباراته رقم 8 مع الفريق.
جذب سيرجيو كونسيساو الأضواء بطريقة احتفاله بالإنجاز.
وتداول مغردون على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للمدرب البرتغالي البالغ من العمر 50 عاما، ويرقص طربا داخل غرفة تغيير الملابس الخاصة بفريقه بعد المباراة.
وقام كونسيساو بتدخين السيجار الكوبي خلال الاحتفال، مقلدا مدرب ريال مدريد الإسباني كارلو أنشيلوتي، الذي ظل يحتفل بالألقاب بهذا الطريقة.
ما الذي تغيّر في ميلان مع كونسيساو؟
بحسب موقع (فوتبول بوتم)، فإن أبرز ما تغير في ميلان هو أسلوب اللعب، إذ عمد كونسيساو إلى لعب مباشر، ورفع إيقاع اللعب البطيء مع سلفه فونسيكا إلى نمط أسرع أربك به خطط خصومه.
وقام كونسيساو بإضافة أعباء هجومية أكبر على الظهيرين ثيو هيرنانديز، وإيمرسون رويال، ليكثفا طلعاتهما على دفاع يوفنتوس ولاحقا إنتر ميلان، وهو أمر أثبته الهدف الذي سجله ثيو هيرنانديز في النهائي.
ونجح كونسيساو في إعادة شحن بطارية الظهير الأيسر الفرنسي هيرنانديز، والذي قدم مستوى مميزا في النهائي، منحه به موقع "سوفا سكور" تقيما من 8.3، وهو أعلى تقييم في تشكيلة ميلان، حيث سجل اللاعب الهدف الثاني وصنع هدف بوليسيستش.
صرخات مدوية بكلفة 6 آلاف يورو
أما التأثير الأكبر لكونسيساو فيتمثل في اجتماعه باللاعبين في غرف تبديل الملابس بعد أول شوط له كمدرب رسمي مع ميلان، وكان أمام يوفنتوس.
وبعد خروج الفريق خاسرا في الشوط الأول، اجتمع كونسيساو باللاعبين في الغرفة، ووجه لهم انتقادات حادة، صاحبها صراخ بشأن تراخيهم وافتقادهم للشغف، قبل أن يختم اجتماعه بعبارة شهيرة، بدت بمنزلة تهديد لكل لاعب: "لم آت إلى هنا من أجل تكوين صداقات.. أنا هنا من أجل الفوز فقط".
وأدى ذلك إلى نزول الفريق متأخرا لبدء الشوط الثاني، ما كلفه، بحسب قوانين البطولة، غرامة مالية 6 آلاف يورو.
ويعد هذا النهج معتادا لكونسيساو مع بورتو البرتغالي، إذ سبق وأن صرح بأنه لا يبالي بالغرامات، بقدر تركيزه على تحليل كل شيء ومناقشة كل أحداث الشوط الأول.
وخلال مباراة يوفنتوس أيضا، أبدى جماهير ميلان إعجابها بكونسيساو وتفاعله مع المباراة من على الخط، وهو أمر لم تكن تعهده مع باولو فونسيكا "المسالم".
وعاد كونسيساو ليؤكد على نجاح ما فعله، إذ امتدح بعد الفوز على إنتر امتلاك نجوم فريقه "الكاريزما" اللازمة، وقال معلقا على العودة مرتين أمام اليوفي وإنتر: " هذا يعني أن الفريق يتمتع بشخصية، لأنه تمكن مرتين من قلب المباريات والفوز على فرق كبيرة. يجب على المدرب إجراء تعديلات أثناء سير المباراة، وهذا ما يدفعون لي من أجله".
بتأثيره السريع وقيادته ميلان إلى الفوز بالسوبر، أنعش كونسيساو، خزينة الروسونيري بـ8 ملايين يورو، باعتبارها بطلا للمسابقة.
ونال إنتر 5 ملايين يورو، فيما حصل يوفنتوس وأتالانتا على 1.6 مليون يورو لكل منهما.