الهروب الكبير.. لماذا يصرّ حمزة المغربي على الوصول لأوروبا؟

يحكي حمزة في حديثه لبلينكس عن تفاصيل محاولة المئات من الشباب المغاربة المنحدرين من مدن مختلفة، الهجرة من الفنيدق المغربية نحو مدينة سبتة خلال اليومين الماضيين.

بدأ كل شيء بالنسبة لحمزة في الفيسبوك، حينما تابع خلال الأيام الماضية الدعوات التي تحولت إلى تريند، والتي أطلقها مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي لجعل يوم الـ15 سبتمبر موعدا لما أسموه الرحيل الجماعي.

يقول المراهق إن رؤيته لشباب في مثل سنه يقررون المغادرة بهذه الطريقة شجعه على اتخاذ القرار.

حمزة الذي انقطع عن الدراسة منذ سنتين، سافر من جنوب المغرب إلى شماله قبل يوم من اندلاع الأحداث، لكنه يقول إن الحظ لم يحالفه في الرحيل خلال اليوم الموعود.

فرغم الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها السلطات في دخول مدينتي المضيق والفنيدق والمناطق المحيطة بهما طوال الأسبوع المنصرم، تمكن العديد من الراغبين في الهجرة غير النظامية من الوصول إلى المدينتين الحدوديتين، وفق قول حمزة.

يرجع السبب وراء اللجوء إلى اختيار مسار الفنيدق وفق تصريح محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، الذي تابع عن كثب هذا الملف، إلى محاولة هجرة سابقة خلال شهر أغسطس المنصرم نجح خلالها عشرات الشباب في العبور إلى إسبانيا.

يشرح بنعيسى أن "العديد من الشباب المغاربة والجزائريين وقتها تمكنوا من السباحة من أقرب منطقة لسبتة والتي لا تستغرق أكثر من 3 ساعات".

هذه الواقعة، وفق بنعيسى، ألهمت العديد من المراهقين الآخرين بتكرار التجربة مرة أخرى، لكن هذه المرة بحشد أكبر عدد ممكن، و"تم اختيار 15 سبتمبر حتى يكون هناك وقت لعمليات الحشد وتعبئة الشباب والقاصرين باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي".

بحسب مصادر محلية، اندلعت منذ ليلة السبت الماضي مواجهات بين قوات الأمن والشباب الذين توافدوا إلى مدينة الفنيدق أملا في العبور إلى سبتة، واستمرت وفق المصادر ذاتها حتى صباح الإثنين 16 سبتمبر.

المواجهات أسفرت عن اعتقالات واسعة في صفوف الشباب والأطفال إضافة إلى تسجيل أضرار لحقت بسيارات للأمن أثناء الاشتباكات.

ووسط هذه المحاولات في العبور صوب الضفة الإسبانية، والتي أحبط الأمن أغلبها، تمكن بعض الشباب، الذين لا توجد معطيات حتى اللحظة عن أعدادهم، من اقتحام السياج الحدودي الفاصل بين الفنيدق وسبتة.

وبينما تمكن هؤلاء من العبور، اعتقلت السلطات وفق تصريح رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان بنعيسى، أكثر من 5 آلاف شخص، وعن تفاصيل الموقوفين، أكد بنعيسى لبلينكس أن معظمهم قاصرون.

بلينكس نقلت هذا السؤال إلى الخبير في مجال الهجرة بالمغرب خالد مونا، الذي أكد أن هؤلاء الشباب والأطفال يهاجرون بهذه الطريقة بحثا عن تحقيق الحلم الأوروبي.

يقول مونا إن الأسر في بعض الأحيان هي التي تدفع بأطفالها للمغامرة وتشجعهم على العبور للضفة الأخرى، موضحا أن "العائلات التي تعيش في ظروف صعبة في الغالب ترى مستقبل أطفالها في مراكز الإيواء بسبتة أفضل من وضعهم الحالي".

مقاطع الفيديو التي توثق ما يحصل بالفنيدق منذ يومين، شهدا تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وصل صداه إلى البرلمان المغربي كذلك.

النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني وجهت مساءلة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش بشأن الإجراءات العاجلة التي سيتخذها لإنقاذ الشباب الذين اختاروا "طريق الموت" وفق تعبيرها.

البرلمانية حملت الحكومة الحالية مسؤولية الأحداث الحاصلة بالفنيدق، معتبرة أن التهميش والفقر وعدم توفير فرص عمل لهؤلاء الشباب قادهم إلى الهجرة بتلك الطريقة.