صراعات‎

قيود حتى على الشاش.. قائمة ممنوعات إسرائيلية تزيد معاناة غزة

نشر
AFP
عند الجانب المصري من معبر رفح الحدودي مع غزة، تتكدس تجهيزات طبية حيوية في مستودعات تحت شمس لاهبة وتصطف مئات الشاحنات المحملة بمساعدات غذائية ومواد أساسية أياما قبل أن يسمح لبعضها بالعبور الى القطاع الفلسطيني المحاصر والمهدّد بالمجاعة.
بعد 22 شهرا، على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس إثر هجوم الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، تتحدّث الأمم المتحدة ومنظمات دولية عن وضع إنساني كارثي في القطاع بلغ شفير المجاعة، وتشكو من أن كميات المساعدات التي تدخل الى القطاع لا تكفي لسدّ حاجات سكانه الذين يتجاوز عددهم المليوني نسمة.
وقال 4 مسؤولين في الأمم المتحدة وسائقو شاحنات مساعدات ومتطوع في الهلال الأحمر المصري لوكالة فرانس برس أن إسرائيل تمنع دخول تجهيزات طبية حيوية وخيم وتجهيزات لبنى تحتية خاصة بالمياه.
وأشارت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء إن إسرائيل تسمح بدخول بعض الإمدادات إلى قطاع غزة، لكن ليس بالقدر الكافي لتجنب جوع واسع النطاق.
وقال المتحدث باسم المفوضية ثمين الخيطان في مؤتمر صحفي بجنيف "خلال الأسابيع القليلة الماضية، لم تسمح السلطات الإسرائيلية بدخول المساعدات إلا بكميات تبقى أقل بكثير مما هو مطلوب لتجنب جوع واسع النطاق".
وأضاف أن خطر الجوع في غزة "نتيجة مباشرة لسياسة الحكومة الإسرائيلية في منع المساعدات الإنسانية".
فما هي قائمة الممنوعات الإسرائيلية؟

"صفحات" من الممنوعات

ويمكن لدخول أدوية بسيطة مثل تلك المضادة للحمى أن يستغرق أسبوعا، بينما تضطر منظمة الصحة العالمية للتعجيل في إدخال الأنسولين وأدوية حيوية أخرى يتوجب حفظها في حرارة متدنية، في شاحنات عادية عندما ترفض السلطات الإسرائيلية دخول تلك المبرّدة، وفق ما يقول مسؤول في منظمة الصحة العالمية لوكالة فرانس برس.
في مستودع عند الجانب المصري من الحدود مع غزة، تتكدّس عشرات قوارير الأوكسجين التي كساها الغبار بعد منع إدخالها، وبقربها كراسٍ متحركة ومراحيض متنقلة ومولدات كهرباء.
وقال أحد العاملين مع الأمم المتحدة لفرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه، "وكأنهم يرفضون كلّ ما يمكن أن يقدّم لمسة إنسانية".
وتؤكد المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للمنظمة الدولية (أوتشا) أولغا شيريفكو، ردّا على سؤال عبر تطبيق "زوم"، أن قائمة الممنوعات هي عبارة عن "صفحات طويلة".
وتتضارب الأرقام حول عدد الشاحنات التي تدخل الى قطاع غزة.
فقد أفاد مسؤول في منظمة الصحة العالمية بأن قرابة 50 شاحنة تدخل غزة يوميا.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الذي زار المعبر الاثنين برفقة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، إن العدد يراوح ما بين 130 و150 يوميا، وقد يصل الى 200، مؤكدا أن عدد الشاحنات التي تنتظر يتخطى خمسة آلاف.
ووصف التأخير والقيود بأنه "تجويع ممنهج".

أعذار إسرائيل: عيوب في التوضيب

وتقول مسؤولة الاستجابة الطارئة في منظمة "أطباء بلا حدود" الفرنسية أماند بازيرول خلال اتصال بها عبر تطبيق "زوم"، إن بعض المواد تُمنع مثلا "لمجرد أنها من الحديد".
ويُمنع دخول مواد "ذات استخدام مزدوج"، أي قد تخدم غايات عسكرية، وتُعاد أخرى لأسباب بسيطة مثل عيوب في التوضيب.

قيود.. حتى على الشاش

وفي الجانب المصري من معبر رفح، قال عاملون في المجال الإغاثي إن شحنة من الحمّالات للعناية المركزة لا تزال عند الجانب المصري من المعبر، على رغم تأكيد الأمم المتحدة حاجة القطاع الماسة لها، لأن إحدى المنصات النقالة التي وضعت عليها، مصنوعة من البلاستيك عوضا عن الخشب.
وأشار متطوّع في الهلال الأحمر المصري الى أن شحنات أخرى أُعيدت "لأن منصّة نقّالة كانت مائلة، أو لأن التغليف البلاستيكي لم يكن جيدا".
وقالت رئيسة الهلال الأحمر أمل إمام "قد يكون رقم الموافقة الصادر عن الأمم المتحدة ملصقا على جانب المنصة النقالة، ما يعني أن كل الأطراف وافقت على دخولها بما في ذلك وحدة تنسيق أعمال الحكومة (الإسرائيلية، كوغات)... لكن رغم ذلك تتم إعادتها عن الحدود".
وتابعت إمام "لم أرَ طيلة عملي في مجال الإغاثة قيودا كهذه على المساعدات، بما في ذلك أصغر قطعة من الشاش".

قرابة أسبوعين تحت حرارة الشمس

قرب شاحنته المحمّلة بالدقيق، قال محمود الشيخ إنه ينتظر السماح له بالعبور منذ قرابة أسبوعين في ظل درجات حرارة خانقة.
وقال لوكالة فرانس برس التي شاركت في جولة صحافية منظمة في المكان الاثنين "بالأمس عادت 300 شاحنة، وسمح بدخول 35 فقط".
وأضاف، مشيرا إلى الإسرائيليين، أن تحديد ما يدخل يعود الى "مزاجهم، ولا يقولون لماذا".
وقال السائق حسين جمعة إن نحو 150 شاحنة تصطف كل ليلة عند الجانب المصري من المعبر. وإجمالا، تدخل هذه الشاحنات بوابة المعبر وتتوجّه نحو معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية والواقع على بعد كيلومترات قليلة. هناك تخضع لتفتيش دقيق قبل دخولها الى قطاع غزة.
إلا أن جمعة أضاف "في الصباح، يفتّش الإسرائيليون ما يريدونه فقط، والباقي يقومون بإعادته".

نفاد المخزون

وكانت وحدة التنسيق الإسرائيلية التابعة لوزارة الدفاع نفت الأسبوع الماضي منع دخول المساعدات، متهمة حركة حماس باستغلال المساعدات "لتعزيز قدراتها العسكرية".
وفي آخر بيان منشور لها، قالت إن 320 شاحنة مساعدات دخلت قطاع غزة الأحد، فيما تمّ إلقاء 161 حمولة من الجو.
وتحذّر منظمة "أطباء بلا حدود" من أن الإبطاء في دخول المساعدات يعرقل توافر تجهيزات حيوية لعلاج الإصابات.
وتوضح بازيرول أن "الناس يواجهون خطر فقدان أطرافهم ما لم تتوافر التجهيزات الأساسية"، مضيفة أن المخزون يستهلك بسرعة. "نطلب (تجهيزات) لثلاثة أو خمسة أشهر، لكنها تُستنفد خلال شهرين".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة